استشارية البرنامج النووي الاردني" توصي بالمفاعلات الكبيرة وتدعيمها بوحدات صغير

اصت المجموعة الاستشارية الدولية الخاصة بالبرنامج النووي الأردني بان توسع المملكة من خياراتها في البحث عن مصادر الطاقة لتشمل المفاعلات الكبيرة وتدعيمها بمفاعلات الوحدات الصغيرة لتواكب الطلب المتنامي على الطاقة في المملكة.

جاء ذلك ضمن تقرير اعدته المجموعة التي تضم نخبة من الخبراء الدوليين ويترأسها رئيس الوزراء الأسبق الدكتور معروف البخيت وانيط بها مهمة تقييم المراحل التي قطعها البرنامج النووي الأردني والتوصيات والاستنتاجات التي من شانها ضمان سير البرنامج وفق اعلى المعايير العالمية.

وعرض نائب رئيس هيئة الطاقة الذرية الأردنية المفوض كمال الاعرج اليوم السبت، ابرز توصيات المجموعة واستنتاجاتها، التي اكدت، أهمية ان تتكون مجموعة الطاقة النووية الأردنية "بشكل أولي" من مفاعلات طاقة نووية كبيرة مثْبتة تكنولوجيا ثم تدعَم بزيادة إستغلال مفاعلات الوحدات الصغيرة لتتلاءم مع الطلب الأردني المتنامي على الطاقة.

ووفق الاعرج حث التقرير، هيئة الطاقة الذرية، بالتعاون مع هيئة تنظيم قطاع الطاقة والمعادن، على العمل لتأسيس ثقافة قوية ومستدامة للأمان آخذين بالاعتبار التعليم المستمر، والانفتاح والشفافية، وقبول التحدي.

وفيما يتعلق بمفاعلات الوحدات النووية الصغيرة، اكد التقرير، حاجة الأردن لدراسة اقتصاديات مفاعلات الوحدات الصغيرة بعناية مع خيار التبريد الجاف، لافتا الى ان هذا النوع من المفاعلات "قد يكون ملائما جدا" بالنسبة لحجم ومواصفات الشبكة الكهربائية الأردنية، والتوزيع السكاني الأردني، وكذلك مصادر المياه المحلية المحدودة.

وحث التقرير هيئة الطاقة الذرية على التحول من مرحلة الدراسات الخاصة بمفاعلات الوحدات الصغيرة الى مرحلة "خوض نقاشات" مع موردين محددين من اجل فهم افضل للتحديات التي تواجه استخدام هذا النوع من المفاعلات.

وركز تقرير اللجنة الاستشارية وفق الاعرج على إيجابيات هذا النوع من المفاعلات، وقال، بسبب حجمها الصغير ومبدأ النمطية في التصميم، يمكن بناء هذه المفاعلات بشكل شبه كامل في مصانع مخصصة ثم تركيبها نمطيا على شكل وحدات مكررة، وبالتالي تحسين مستوى كفاءة وجودة الإنشاء.

ووصف التقرير هذه المفاعلات بانها أحد الحلول للدول ذات الشبكات الكهربائية الصغيرة والدول التي لديها خبرة أقل في مجال الطاقة النووية، ولاسيما وان حجم وكفاءة الإنشاء وأنظمة الأمان التلقائي من الممكن أن تسهل تمويل هذا الصنف من المفاعلات مقارنة مع المفاعلات الكبيرة التقليدية.

كما يمتاز هذا النوع من المفاعلات وفق تقرير المجموعة بإمكانية إنشاء وحداته باطنيا (أي تحت الأرض) ما يعزز الوقاية من المخاطر الطبيعية (كالزلازل أو تسونامي) أو المخاطر المصطنعة بشريا ( كاصطدام الطائرات).

ودعا التقرير إلى حسم القرار بشأن الشراكة مع شركة (روس أتوم) الروسية بخصوص محطة الطاقة النووية الكبيرة "وفيما إذا كان هذا الاتجاه هو الأنسب للبدء بمفاوضات التعاقد مع روس أتوم مع الأخذ بالاعتبار الديون السيادية المترتبة على مفاوضات التعاقد وسعر الكهرباء التشغيلي المرتفع".

وبحسب الدكتور الاعرج، اكد التقرير، ضرورة تفحص التصميم والإجراءات المتعلقة بأمان المحطة النووية المرتقبة بما يتوافق مع المستجدات العالمية المرافقة لما بعد حادث فوكوشيما، ولاسيما معايير الأمان الصادرة عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والإرشادات، وغيرها من الممارسات الدولية المثلى ذات الصلة بالأمان.

وأشار التقرير الى دور شركة الكهرباء النووية بصفتها مالكا ومشغلا لمحطة الطاقة النووية المرتقبة، حاثا الشركة على تقييم حاجتها لخدمات "خبراء دوليين وتوجيه المتدربين الأردنيين حديثي التخرج، ومساعدة الموظفين الأردنيين ليكونوا مضطلعين".

وفيما يتعلق بالمفاعل النووي البحثي المقام في جامعة العلوم والتكنولوجيا شمال المملكة اكد الخبراء في تقريرهم ضرورة الترويج للمفاعل البحثي ليصبح مركزا إقليميا لتعليم وتدريب المهندسين النوويين وطلاب الفيزياء الضروريين لتحقيق طموحات الإقليم نحو الطاقة النووية.

ودعا التقرير وفق المفوض الاعرج الى التركيز على جودة ضوء السنكروترون بصفته مركزا مكملا للإستخدامات النيوترونية في المفاعل البحثي وضمن العديد من المجالات البحثية المهمة، لذلك يجب إستغلال التآزر الناتج بين المنشأتين لتعزيز جاذبية الأردن كمركز إقليمي للعلوم النووية وتطبيقاتها.

وفيما يتعلق بمشروع استغلال خام اليورانيوم في أراضي المملكة، اكد التقرير ضرورة الإستغلال الكامل لإستخلاص اليورانيوم على نطاق صناعي وان يؤخذ هذا القرار بمعزل عن أي قرار يتعلق بمواصلة إنشاء محطة الطاقة النووية من عدمه.

ودعا التقرير للبحث عن خيارات لإدارة الوقود النووي المستهلك غير تلك القاضية بإعادته إلى بلد المنشأ، بالتطلع الى خيار تطوير مستودعات محلية أو إقليمية لحفظ الوقود المستهلك، مؤكدا أهمية استقلالية الجهة التنظيمية النووية.

وطالب التقرير هيئة الطاقة الذرية الأردنية وشركة الكهرباء النووية بالبناء على الإنجازات الحالية وتوسيع فهم القضايا النووية من خلال إشراك قطاعات أوسع من الاوساط الأكاديمية، المؤسسات الحكومية والجمهور العام لنشر المنافع في مجالات مثل الطب، البيئة، التراث الثقافي والصناعة.

واكد التقرير حاجة المملكة لمراجعة الكلفة الإجمالية للبدائل الممكنة لمصادر الطاقة في المملكة وبالتالي تطوير خليط يتم من خلاله توليد الطاقة من مصادر متنوعة من بينها الطاقـــــة النووية، الطاقـــة الأحفورية، ومصادر الطاقة المتجددة مما يزيد من موثوقية الشبكة الكهربائية وأمن التزود بالطاقة، كما يخفض العبء الاقتصادي على المستهلكين ويضمن تقليل انبعاثات الكربون والمحافظة على مصادر المياه.

وبحسب المفوض الاعرج اكد الخبراء في تقريرهم إن تطوير إستراتيجية للطاقة في الأردن يجب أن يشمل استغلال الطاقة بفعالية وبشكل مبرر اقتصاديا، مؤكدين حاجة الأردن الى "أن يصمم بعناية الترتيبات المؤسسية" عند تشجيع استغلال مصادر الطاقة المتجددة، وذلك لتجنب احتمالية تشويه سوق الطاقة وكذلك ضمان خفض العبء الاقتصادي على المستهلكين.

كما اكدوا حاجة الأردن لتقييم التجارب التي تنفذ حاليا بأسواق الدول الأخرى كألمانيا والولايات المتحدة وذلك للاستفادة من الصعوبات التي تواجهها هذه الدول في التزويد الكهربائي.

وتأسست المجموعة الإستشارية الدولية عام 2016 بهدف تقديم النصح والمشورة بإستقلاليــة للاردن فيما يتعلق ببرنامج الطاقة النووية الوطني، والموضوعات ذات الصلة بالبرنامج كالتشريعات والأمان.

وتتألف المجموعة من نخبة من الخبراء الدوليين في المجالات النووية ويترأس المجموعة رئيس الوزراء الأسبق الدكتور معروف البخيت.

وتعِد المجموعة الإستشارية تقريرا سنويا، وقد تم نشر التقرير السنوي الأول للجنة بشهر تموز 2016 ،فيما اعدت التقرير السنوي الثاني في شهر تشرين الثاني 2017.

واعتمدت بنية التقرير بناء على الإستجوابات والإحاطات الموجزة والتقارير المقدمة من خبراء يمثلون هيئة الطاقة الذرية الأردنية، شركة الكهرباء النووية الأردنية ، وهيئة تنظيم قطاع الطاقة والمعادن.

ويتطرق تقرير المجموعة الإستشارية لموضوعات رئيسية تشمل التخطيط من أجل الطاقة، مشروع محطة الطاقة النووية الاردنية، المفاعل النووي الأردني للبحوث و التدريب، مشروع اليورانيوم، الإطار التنظيمي للمشروع النووي، الوقود النووي وإدارة النفايات النووية، التواصل ومشاركة أصحاب المصلحة.

نقلا عن جريدة الرأي الأردنية