الأردن يترأس أعمال الدورة الثالثة والثلاثين للمؤتمر العام للهيئة العربية للطاقة الذرية

 

ترأس الدكتور خالد طوقان، المؤتمر العام للهيئة العربية للطاقة الذرية في دورته الثالثة والثلاثين والذي عقد عبر تقنية الزووم في الرابع والعشرين من شهر حزيران الماضي ، كما انتخب الدكتور عادل الطرابلسي ممثل الجمهورية التونسية نائباً للرئيس، وشارك في هذا الاجتماع أعضاء المؤتمر العام ووفود من الدول العربية الاعضاء في الهيئة العربية (الاردن، البحرين، تونس، السعودية، السودان، العراق، فلسطين، الكويت، لبنان، ليبيا، مصر، موريتانيا، اليمن) بالإضافة لمشاركة وفدي المغرب وجزر القمر اللذين شاركا  بصفة مراقب، كما شارك في هذا الاجتماع ممثل الأمانة العامة لجامعة الدول العربية الدكتور محمد خير عبد القادر، والدكتور سالم الحامدي المدير العام للهيئة العربية للطاقة الذرية.

وافتتح  الدكتور طوقان اعمال  المؤتمر  بكلمة رحب فيها بممثلي الدول الاعضاء في الهيئة العربية للطاقة الذرية وشكر الهيئة العربية ممثلة بمديرها العام الدكتور سالم الحامدي على جهودها الاستثنائية وعزمها على تحقيق غايتها في تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة في مجالات العلوم والتكنولوجيا النووية رغم الظروف الصحية التي يواجهها العالم، واثنى على ما حققته من انجازات منذ انعقاد الدورة السابقة خاصة المتعلقة  بإنشاء مركز تدريب عربي للاستخدامات السلمية للطاقة الذرية.

واشار الدكتور طوقان في كلمته الى ان اهتمام الأردن بخيار الطاقة النووية جاء انطلاقاً من سعيه للتصدي للتحديات الصعبة التي تواجهه فيما يتعلق بشح مصادر الطاقة والمياه، وذلك من خلال ايجاد مصدر بديل لإنتاج الطاقة الكهربائية باستخدام المفاعلات النووية لتوليد طاقة كهربائية نظيفة ومنافسة اقتصاديا حيث تمكنت  فرق العمل الفنية التابعة لهيئة الطاقة الذرية الأردنية من انجاز دراسات البنى التحتية اللازمة لإنشاء محطة الطاقة النووية الأردنية وتعمل حاليا على إجراء دراسات جدوى اقتصادية للمفاعلات الصغيرة المدمجة (SMRs) ومن ضمنها المفاعل عالي الحرارة المبرد بالغاز (HTGR) وهي ذات كلف منخفضة نسبياً ولا تحتاج إلى تطوير الشبكة الكهربائية، كما أنّها تتحمل زلزالية عالية ولا تحتاج إلى كميات كبيرة من المياه  للتبريد. كما قامت هيئة الطاقة الذرية الأردنية منذ تأسيسها في عام 2008 بتنفيذ المشاريع والبنى التحتية للطاقة النووية في الأردن. وعلى مدى الفترة الماضية، فقد تحققت إنجازات واضحة وملموسة لهذه المشاريع من اهمها:


المفاعل النووي الأردني للبحوث والتدريب،  والذي يعتبر معلما علميــــا وبحثيا اردنيا جديداً وفريداً، وهو اول منشأة نووية تصل للحراجة في الأردن، كما يعتبر نقلة نوعية فـي مجال الطاقة النووية وحجر الأساس للبحوث العلمية والتدريب في العلوم والتكنولوجيا النووية،  حيث يوفر منصة قوية للتدريب والبحث العلمي لطلبة الهندسة النووية والعلوم النووية الأخرى، وتأهيل المهندسين والفنيين لتشغيل المفاعلات النووية وصيانتها وتطويرها، فقد تم من خلاله بناء جيل جديد من الفنيين والمهندسين والباحثين الأردنيين، ومن جهة اخرى، يُستخدم هذا المفاعل في انتاج النظائر المشعة، وبالدرجة الاولى للاستخدامات الطبية، وذلك لتزويد حاجة السوق المحلي في المستشفيات ومراكز الطب النووي، حيث تم انتاج نظير اليود – 131 الطبي المشع المستخدم في تشخيص وعلاج الأورام السرطانية، ويجري العمل حالياً على التوسع في انتاج نظائر طبية مشعة أخرى (كالتكنيشيوم-99 والإريديوم– 192 واللوتيسيوم-177، والهولميوم-166) المستخدمة في علاج الأورام السرطانية. وتتطلع الهيئة بان يكون هذا الصرح العلمي البحثي الصناعي نواة لمركز إقليمي عربي تحت مظلة الهيئة العربية للطاقة الذرية والوكالة الدولية للطاقة الذرية لتمكين الباحثين والمهندسين في الدول العربية من استخدامه.

اما في مجال استكشاف وتعدين اليورانيوم فأشار الدكتور طوقان الى ان نتائج الدراسات التي أجريت في أوائل ثمانينات القرن الماضي، تضمنت تواجدا لكميات كبيرة من خامات اليورانيوم في عدة مناطق من المملكة، وبسبب طبيعة رواسب خامات اليورانيوم في منطقة وسط الأردن، فقد اختيرت تلك المنطقة لإجراء أنشطة استكشافية تفصيلية لليورانيوم من خلال شركة تعدين اليورانيوم الأردنية. وشملت مسؤوليات الشركة استكشاف وتطوير المعالجة المثلى لخام اليورانيوم على نحو قاد إلى تصميم مصنع ريادي على المستوى التجريبي ستساهم نتائجه مستقبلا في إعداد دراسة جدوى اقتصادية بنكية بغرض الوصول الى إنتاج الكعكة الصفراء (U3O8) على المستوى التجاري من الخامات الكربونية المتموضعة في منطقة وسط الأردن، والاستفادة من المنتج كوقود لمحطة الطاقة النووية الأردنية ومصدراً للكعكة الصفراء لمخزن (بنك) إقليمي عربي للوقود النووي.
 

وشدد على أن استخدام العلوم والتكنولوجيا النووية في العالم العربي هو حق غير قابل للتصرف ومتأصل في سيادتها، فإن ضمان الإعِمَـال الكامـل لهذا الحق للدول العربية هو امر ذو اهمية قصوى. وحذر من الدعوات الاجنبية التي تطالب بتقييد هذا الحق من خلال إلزام الدول العربية بالتنازل عن حقها في امتلاك التكنولوجيا النووية وخاصة المتعلقة بدورة الوقود النووي الكاملة، وذّكر بقرار مجلس الجامعة العربية في دورته (153) التي عقدت بتاريخ 4/3/2020 والذي اكد على أهمية احترام الحق غير القابل للتصرف للدول الأطراف في معاهدة عدم الانتشار النووي في تطوير والاستفادة من التكنولوجيا النووية للأغراض السلمية ورفض اية محاولات لتقييد حقوق الدول تحت أية دعاوي وطالب الدول العربية بضرورة التمسك بحقها غير القابل للتصرف في الحصول على تكنولوجيا الاستخدامات السلمية للطاقة الذرية وفقا لمعاهدة منع انتشار الأسلحة النووية. 

وفي ختام كلمته اوضح الدكتور طوقان ان تحقيق عالمية معاهدة عدم الانتشار النووي في الشرق الاوسط يمثل تحدياً رئيسيا وأولوية عاجلة بالنسبة للدول العربية، وشدد على ان استمرار مناخ انعدام الثقة في ظل وجود دولة ترفض الانضمام إلى المعاهدة وتمتلك برامج عسكرية ومنشآت نووية غير خاضعة للرقابة الدولية وهي اسرائيل، يهدد الأمن والسلام على المستويين الإقليمي والدولي، وسيسهم في اشعال فتيل الازمات واطلاق سباق تسلح نووي في المنطقة،  وطالب بتكثيف الجهود لتنفيذ القرارات التي تبناها المجتمع الدولي في مختلف المحافل الدولية، والتي تدعو إسرائيل الى الانضمام لمعاهدة عدم الانتشار النووي وجعل منطقة الشرق الأوسط خالية من الأسلحة النووية.

وفي ختام الدورة، وجه المؤتمر العام الشكر للدكتور طوقان رئيس الدورة الحالية للمؤتمر العام على حسن ادارته وحكمته الرشيدة في تسيير فعاليات المؤتمر، كما صدر عن المؤتمر مجموعة من القرارات اهمها الموافقة على مشروع موازنة الهيئة العربية للطاقة الذرية للسنة المالية 2022 والطلب من الدول العربية تقديم مقترحات لمشاريع عربية مشتركة متضمنة تفاصيل المواضيع والأفكار الفنية الخاصة بمجالات الطاقة النووية لتتم مناقشتها ضمن محاور المؤتمرات والمنتديات العلمية للهيئة ودراسة إمكانية تنفيذها في إطار الإستراتيجية العربية للإستخدامات السلمية للطاقة الذرية، كما طالب الإدارة العامة للهيئة العربية بالمضي قُدماً في تنفيذ المنتدى العربي السادس حول آفاق توليد الكهرباء وإزالة ملوحة مياه البحر بالطاقة النووية خلال العام 2022 وذلك بالتنسيق مع هيئة الطاقة الذرية وهيئة المحطات النووية لتوليد الكهرباء في جمهورية مصر العربية، كما قرر الموافقة على تأجيل المؤتمر العربي الخامس عشر للاستخدامات السلمية للطاقة الذرية إلى شهر كانون الاول من العام الحالي 2021 نظراً لعدم إمكانية تنفيذه عام 2020 بسبب جائحة كورونا، في حين قرر بان يتم عقد المؤتمر العربي السادس عشر في عام  2023.