الدكتور خالد طوقان - رئيس هيئة الطاقة الذرية الأردنية
تعمل الهيئة ومنذ بداية تأسيسها على تحقيق رؤى جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين- حفظه الله ورعاه - نحو نقل وتوطين وامتلاك تكنولوجبا الطاقة النووية وتسخيرها للأغراض السلمية، ليرتقي الأردن إلى مصاف الدول المتقدمة علمياً وتكنولوجياً بما يحقق استقلال الإرادة الوطنية بالاعتماد على الذات واستغلال الموارد المحلية المتاحة من المواد النووية لتوليد الطاقة، مرتكزة بذلك على الإنسان الأردني المبدع والقادر على الإنجاز. وتجسيداً لهذا الجهد المتميز فقد أصدرت الحكومة الأردنية ست طوابع تذكارية تسلط الضوء على أبرز إنجازات الهيئة في الذكرى الخامسة والعشرين لتولي جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين سلطاته الدستورية.
تم إنشاء هيئة الطاقة الذرية الأردنية عام (2008) للعمل على تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للطاقة النووية وتعزيز
الأنشطة التي تهدف إلى استخدام الطاقة النووية وتطويرها في الأردن، ممثلةً بالبرنامج النووي الأردني المكون من أربعة محاور رئيسة تشمل:
دعم العلوم والتطبيقات النووية والنشاطات المساندة للبرنامج النووي الأردني.
استغلال المواد النووية في الأرض الأردنية وعلى رأسها اليورانيوم.
تطوير وتأهيل القوى البشرية الأردنية اعتماداً على المفاعل النووي الأردني للبحوث والتدريب.
وإنشاء محطة الطاقة النووية لتوليد الكهرباء أو تحلية المياه.
وعليه، فقد واصلت هيئة الطاقة الذرية الأردنية نشاطاتها المكثفة منذ تأسيسها لتحقيق الأهداف المنوطة بها.
ومن أبرز إنجازات الهيئة ضمن هذه المشاريع
1
المفاعل النووي الأردني للبحوث والتدريب
منذ افتتاحه بنهاية عام (2016)، تم تأهيل العشرات من المهندسين والفنيين الأردنيين للقيام بأعمال تشغيل وصيانة المفاعل النووي الأردني للبحوث والتدريب وإدارته ضمن الحدود التشغيلية المقرّة والمرخصة. ومازال المفاعل مستمراً برفد مستشفيات المملكة والمراكز الطبية والعيادات المتخصصة بالطب النووي، بالنظائر المشعة اللازمة وأهمها نظير اليود المشع (I-131) على هيئة كبسولات فموية وإمبولات زجاجية بالجرعات الإشعاعية المطلوبة. ويعتمـــد المفاعـــل على جهود كـــوادره في تطوير استخلاص أتوماتيكي لنظـــيـــر التكنيشيــــوم (Tc- 99m) من خلال تحلل نظير الموليبدينوم (Mo-99) المنتج في المفاعل ليتم توزيعه على عدد من المستشفيات في المملكة، وفي الدول المجاورة.
كما يتم تشعيع عدد من العناصر في المفاعل البحثي وشحنها لخارج المملكة إلى عدد من المختبرات التابعة لعدد من الشركات العالمية ومن هذه العناصر عنصر التريبيوم (Tb-161) وعنصر الهولميوم (Ho-166) وعنصر اليتيريوم (Y-90). حيث بدأت عملية تشعيع عنصر الهولميوم وشحنه بالشكل التجاري إلى أوروبا وكندا بشكل شبه يومي. ويعتبر المفاعل البحثي أحد المفاعلات الرئيسية التي تعتمد عليها شركة كوريوم العالمية في تزويدها بنظير الهولميوم (Ho-166) المشع والذي يتم استخدامه في علاج سرطان الكبد.
تم توسيع مجال معيار الاعتماد (ISO-9001:2015) ليشمل نظيري (I-131) و (Ho-166) إضافةً إلى نظير الإريديوم الصناعي (Ir-192) المستخدم في الفحوصات اللاإتلافية، لأعمال لحام الأنابيب والمعدات، والحصول على شهادة الشكل الخاص لتصميم المصدر المختوم من نظير الإريديوم لاستخدامه في المجال الصناعي.
إضافةً الى ذلك، فان فريق منظومة التحليل بالتنشيط النيوتروني أنجز القياسات المقارنة للتحقق من دقّة نتائج المنظومة بالمقارنة مع نماذج قياسيّة أخرى من الوكالة الدولية للطاقة الذريّة والتي بينت كفاءة أدائها، كما قامت وحدة التنشيط النيوتروني بتحليل عينات لباحثين أردنيين من عدة جامعات أردنية.
2
استغلال اليورانيوم في الأرض الأردنية
واصلت الهيئة ومن خلال شركة تعدين اليورانيوم الأردنية جهودها الاستكشافية الممنهجة في منطقة وسط الأردن من خلال فريق عمل أردني متخصص بإشراف خبراء عالميين ومختصين. وأصدرت الشركة تقريرها الثالث لحساب مصادر خامات اليورانيوم اعتماداً على نظام (JORC) العالمي في منتصف عام (2018)، حيث قدرت كميات اليورانيوم في منطقة وسط الأردن بحوالي (42) ألف طن من الكعكة الصفراء وتم تصنيف جزء منها ولأول مرة بمستوى تبويب «مصادر مقاسة» والذي يعتبر الأعلى موثوقية من حيث دقة تقدير كميات اليورانيوم الدفينة لاعتماد نتائجه لاستكمال دراسة الجدوى الاقتصادية الخاصة بمشروع التعدين التجاري. كما قامت الشركة بتشغيل المحطة الريادية المؤتمتة التي تعمل بالنظام الصناعي المستمر والبدء بعملية استخلاص اليورانيوم. كما تم إنشاء المختبرات التحليلية الريادية في النصف الثاني من العام (2019) في موقع الشركة الميداني في سواقة. وتهدف المختبرات التحليلية الى تغطية حاجة الشركة لفحص العينات الصلبة والسائلة لاستكشاف خام اليورانيوم، واستخلاصه في المحطة الريادية في منطقة وسط الأردن، حيث قامت الشركة بتأسيس نظام الجودة الخاص بشهادة (ISO-17025:2017) لغاية الاعتماد الدولي خلال عام (2022). وتجدر الإشارة هنا إلى أن كوادر الشركة تمكنت بجهودها الذاتية من إنتاج كمية تراكمية تقدر ب (50) كيلوغراماً من الكعكة الصفراء من خلال معالجة (400) طناً من خام اليورانيوم.
3
العلوم النووية وتطبيقاتها
واصلت الهيئة إنجازاتها بإجراء الدراسات والبحوث العلمية والتجارب العملية بهدف نقل وتطويرالاستخدامات السلمية للطاقة الذرية وتكنولوجيا الإشعاع في الأردن، إضافةً لما تقوم به من فحوصات مخبرية وتحليلية لخدمة قطاعي الإنتاج والخدمات في المجتمع، عدا عن تشعيع العينات المختلفة لأغراض التعقيم الطبي والدراسات البحثية. كما تتابع الهيئة تنفيذ الأنشطة العلمية الوطنية المتعلقة بمركز السنكروترون، والوقوف على مستجدات العمل في المركز، وآليات الدعم المقدمة من مركز السنكروترون لمراكز البحث العلمي العالمية والجامعات الأردنية، وتشكيل فرق العمل البحثية المتخصصة من أعضاء الشبكة الأردنية لمستخدمي ضوء السنكروترون.
4
معالجة النفايات المشعة والوقاية من الإشعاعات
تعتبر الهيئة الجهة المسؤولة عن إدارة نقل وتخزين النفايات المشعة الناتجة عن مختلف التطبيقات السلمية للطاقة النووية في المجالات الصناعية والطبية والزراعية والبحثية والتعليمية على مستوى المملكة، إضافةً إلى تنفيذ العديد من المشاريع الوطنية بالتعاون والشراكة مع المؤسسات المحلية والدولية في هذا المجال. كما تُعنى الهيئة بتطوير وتحديث الخطط التنفيذية والإجراءات القياسية الخاصة بالتخطيط والتأهب والاستجابة للطوارئ الإشعاعية والنووية، بالإضافة إلى تقديم الاحتياجات التدريبية للمملكة الأردنية الهاشمية بالتعاون مع المركز الوطني للأمن وإدارة الأزمات والقيادة العامة للقوات المسلحة الأردنية لعدد من منتسبي وحدة الإسناد الكيماوي ووحدة مكافحة التهريب النووي والخدمات الطبية الملكية. كما تم اعتماد الهيئة كمركز تدريبي لاستضافة الدورة التعليمية الجامعية العليا في الوقاية من الإشعاعات وأمان المصادر الإشعاعية باللغة العربية (PGEC) سنوياً بالاشتراك مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية لتدريب الكوادر المتخصصة من مختلف الدول العربية في مجال الوقاية الإشعاعية.
5
محطة الطاقة النووية الأردنية
قامــت الهيئــة بإعداد دراسات فنيــة وأخرى للـجدوى الاقتصاديــة حــول المفاعلات الصغيـرة المدمجـــة (Small Modular Reactor) من الجيل الرابع المتقدم وذات تصاميم قيــد الترخيص أو مفاعلات قيد الإنشاء والتشغيل في بلد المنشأ، وذلك لتقييم ومراجعة تكنولوجيا هذه المفاعلات فنياً واقتصادياً، بالإضافة إلى تطوير عناصر البنية التحتية اللازمة لتنفيذ المشروع، وبناء قنوات اتصال مع أهم موردي هذه التكنولوجيات وتوقيع اتفاقيات التعاون المشترك مع الهيئات والمؤسسات المحلية والدولية في قطاع الطاقة النووية من أجل إنشاء مفاعلات صغيرة مدمجة بسعة توليدية (100 -300) ميجا واط كهرباء واستغلالها لتوليد الكهرباء أو تحلية مياه البحر ضمــن مشروع الناقل الوطني لتحلية ونقـــل مياه البحر المزمع تنفيذه خلال العقد الحالي.
كما قامت الهيئة أيضاً بإدراج خيار المفاعلات الصغيرة المدمجة ضمن خارطة طريق الاقتصاد الوطني في قطاع الطاقة المتجددة لمنتدى الاستراتيجيات الأردني. وتشارك الهيئة بشكل مستمر من خلال ورشات تدريبية وتثقيفية متعددة محلياً ودولياً لاطلاع المؤسسات والأطراف المعنية على تجربة الأردن ووضعها بصورة تطور مشروع محطة الطاقة النووية لتعزيز أمن التزود بالطاقة النظيفة.
وفي الختام، فإن الهيئة ستواصل مسيرتها نحو تحقيق الأهداف والطموحات التي تسعى إليها، وتؤكد حرصها على مصلحة الوطن وسلامة المواطن، مستمدةً العزم من الدعم الخاص والرؤية الثاقبة لصاحب الجلالة الهاشمية الملك عبد الله الثاني ابن الحسين للارتقاء بالجهود الوطنية من أجل تحقيق أهداف برنامج الطاقة النووية الأردني وجعل الأردن أنموذجاً يحتذى به في منطقة الشرق الأوسط والعالم في استخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية.
والله ولي التوفيق